ترامب يعيد تشكيل المجتمع العلمي والأكاديمي
في أقل من 100 يوم، تمكّن دونالد ترامب من إعادة تشكيل المشهد العلمي في الولايات المتحدة، الدولة الرائدة في مجال البحث العلمي في العالم، ما أثار صدمة لدى الجهات الفاعلة في هذا المجال، الأميركية منها والأجنبية.
من إلغاء مليارات الدولارات المخصصة لتمويل البحوث والتهديدات العلنية ضد الجامعات ومسح قواعد البيانات، وحتى حظر بعض المصطلحات المتعلقة بالجنس وتغير المناخ... تطول قائمة القضايا العلمية المستهدفة بقرارات دونالد ترامب التي بدأ يعلنها واحدا تلو الآخر منذ عودته إلى البيت الأبيض. وقال بول إدواردز، مدير أحد البرامج العلمية في جامعة ستانفورد، لوكالة فرانس برس «لم أرَ شيئا مماثلا خلال 40 عاما من عملي في مجال البحوث في الولايات المتحدة».
وهو واقع يتشاركه المجتمع العلمي والأكاديمي على نطاق واسع. وفي نهاية آذار/مارس، أطلق أكثر من 1900 عضو من جمعيات علمية «نداء طلبا للمساعدة»، فحذروا في رسالة بأن «المشاريع العلمية للبلاد تتعرّض للتدمير»، داعين الأميركيين إلى الوقوف ضد هذا «الهجوم الشامل على العلم».
وقالت جينيفر جونز، مديرة مركز العلوم والديموقراطية في اتحاد «يونيون أوف كونسيرند ساينتستس»، إن الرئيس الأميركي أحاط نفسه بشخصيات تتجاهل الإجماع العلمي مثله، كروبرت كينيدي جونيور المشكك في اللقاحات والذي عينه وزيرا للصحة ويتجاوز صلاحياته إلى حد كبير مع تجاهله الكونغرس.
والنتيجة هي انهيار «العقد» الضمني الذي كان يربط حتى الآن الحكومة بإنتاج المعرفة والخبرة والذي كان يعتبر «منفعة عامة»، وفق ما قالت شايلا جاسانوف، أستاذة علم الاجتماع العلمي في جامعة هارفرد، إحدى الجامعات الأميركية الواقعة في مرمى الرئيس.
وذلك مدفوع بشكل رئيسي بنظرها بـ»غضب تجاه العلم» يتعارض مع «الحكم الكاريزمي» الذي يدافع عنه.
من جهتها، قالت ناومي أوريسكيس، أستاذة تاريخ العلوم في جامعة هارفرد «هذا أمر غير مسبوق في ذاكرة أي مؤرخ. إن ما يفعله ترامب الآن هو دفعنا نحو (أميركا) شبه خالية من العلوم».
وقد تترتب على ذلك تبعات وخيمة، إذ تم تسريح عدد كبير من العلماء في الوكالات الفدرالية، وأوقفت العديد من الدراسات أو تم التخلي عنها، كما جمّدت معظم المختبرات الجامعية عمليات التوظيف.